بأكثر من 44 ألف سجين.. 2024 عام الانفراجة والعفو عن المحتجزين بالدول العربية
تشمل 10 دول أحدثها مصر والبحرين
أصدرت عدة دول عربية، قرارات تعكس أهداف الإرادة السياسية بنشر التسامح والتعايش والسلام المجتمعي من خلال العفو عن السجناء سواء العرب أو الأجانب، إذ شهد عام 2024 وحده العفو والإفراج عن 44 ألفا و302 سجينا بينهم سياسيون ومعارضون.
يذكر أن قرار "العفو" يكون من حق رئيس أو ملك أو قائد البلاد، ويصدر بمراسيم أو قرارات أو قوانين، وفق ما تنص عليه دساتير الدول، حيث تصاعدت وتيرة صدور قرارات العفو عن السجناء بشكل لافت هذا العام، لتمنح فرصة جديدة للمدانين في عدد من القضايا.
ورصدت "جسور بوست"، صدور قرارات بالعفو عن السجناء خلال عام 2024 في كل من مصر، والإمارات، والبحرين، وسلطنة عمان، والأردن، والجزائر، والمغرب، وتونس، وموريتانيا والكويت.
وجاءت القرارات على النحو التالي:
مصر
في سبتمبر الجاري، أصدر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، قرارا بالعفو عن 151 متهما محبوسين احتياطيًا على ذمة قضايا يجري التحقيق فيها من النيابة العامة بالبلاد.
وفي أغسطس الماضي، أصدر السيسي قرارا بالعفو عن 600 شخص محكوم عليهم في جرائم مختلفة، ما أثار ترحيبا واسعا بين الأوساط السياسية والحقوقية بمصر.
وفي يوليو الماضي، تم إطلاق سراح 2009 سجناء بعفو رئاسي، بمناسبة احتفال البلاد بذكرى ثورة 23 يوليو 1952.
وفي أبريل الماضي، تم الإفراج عن 3438 سجينا من نزلاء ونزيلات مراكز الإصلاح والتأهيل، وذلك بمناسبة عيد الفطر المبارك.
وفي يناير الماضي، أصدر الرئيس المصري قرارا بالعفو عن 4187 سجينا بمناسبة الاحتفال بعيد الشرطة وذكرى ثورة يناير 2011.
ومؤخرا، شهدت مصر حوارا مجتمعيا بشأن ملف الحبس الاحتياطي، حيث دعا العديد من الفاعلين في العمل العام إلى ضرورة تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس على ذمة القضايا، والتي تصل حاليا إلى عامين وقد تتجاوز هذه المدة في بعض الأحيان، ما يجعل الحبس الاحتياطي بمثابة عقوبة إضافية.
البحرين
في سبتمبر الجاري، أصدر عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى، مرسوما ملكيا شاملا بالعفو عن 457 سجينا محكوما عليهم في قضايا مختلفة، بمناسبة اليوبيل الفضي لتولي الملك مقاليد الحكم.
ولقي المرسوم الملكي ترحيبا وإشادة من مختلف التيارات والرموز السياسية، فيما أوضح معهد البحرين للحقوق والديمقراطية (غير حكومي، مقره لندن) أن ما لا يقل عن 100 سجين رأي من بين المفرج عنهم.
وفي يونيو الماضي، أصدر عاهل البحرين مرسوما ملكيا بالعفو الخاص والإفراج عن 545 نزيلًا محكومين في قضايا مختلفة، بعد أن قضوا فترة من العقوبات الصادرة بحقهم، وذلك بمناسبة عيد الأضحى المبارك.
وفي أبريل الماضي، أعلنت البحرين عن صدور قرار بالعفو الملكي عن 1584 شخصا يواجهون اتهامات جنائية بارتكاب أعمال عنف، في ما اعتبره المراقبون آنذاك أكبر عملية عفو جماعي تشهدها البحرين منذ سنوات.
الإمارات
في سبتمبر الجاري، أمر رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن زايد، بالعفو عن 57 متهما من الجنسية البنغالية الذين تجمهروا وأثاروا الشغب في عدد من إمارات الدولة وأدينوا بالدعوة والتحريض على التظاهر والعنف.
وفي يونيو الماضي، أمر رئيس الإمارات بالإفراج عن 1138 نزيلاً من نزلاء المنشآت الإصلاحية والعقابية ممن صدرت بحقهم أحكام في قضايا مختلفة، وتكفل بتسديد الغرامات المستحقة عليهم، بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك.
وفي مارس الماضي، أعلن النائب العام الإماراتي، المستشار حمد سيف الشامسي، أن رئيس البلاد أمر بالإفراج عن 735 من نزلاء المنشآت الإصلاحية والعقابية من المحكوم عليهم في قضايا مختلفة، وذلك بمناسبة حلول شهر رمضان.
واحتفالا بالمناسبة ذاتها، أصدر حكام الإمارات بالبلاد قرارات بالإفراج عن 1944 سجينا، بواقع 691 في دبي، و484 في الشارقة، 314 في عجمان، و87 في الفجيرة، و368 في رأس الخيمة.
سلطنة عمان
في يناير الماضي، أصدر السُلطان هيثم بن طارق، عفوا ساميا عن 207 نزلاء مواطنين وأجانب، بمناسبة ذكرى توليه مقاليد الحكم في البلاد.
وفي يونيو الماضي، أصدر السلطان العماني، عفوا ساميا عن 169 نزيلًا من مواطنين وأجانب، احتفالا بمناسبة عيد الأضحى ومراعاة لمشاعر ذوي النزلاء.
وفي أبريل، أصدر السلطان العماني عفوا ساميا عن 154 نزيلا من مواطنين وأجانب، احتفالا بعيد الفطر المبارك.
الأردن
في أبريل الماضي، صادق عاهل البلاد الملك عبدالله الثاني، على قانون عفو عام يشمل إطلاق سراح 7355 سجينا قبيل الاحتفال بعيد الفطر المبارك.
وشمل قرار العفو العام آنذاك جميع الجرائم الجنائية والجنحية والمخالفات والأفعال الجرمية التي وقعت قبل شهر مارس 2024، ويستثني من ذلك 38 جريمة أبرزها ما يتعلق بأمن الدولة والإرهاب والاتجار بالبشر والتجسس والاغتصاب والتزوير وغسيل الأموال.
تونس
في يوليو الماضي، أصدر الرئيس التونسي قيس سعيد عفوا رئاسيا يقضي بإسقاط العقوبة عن 1727 سجينا ممن ارتكبوا جرائم تتعلق بنشر تدوينات على منصات التواصل الاجتماعي، وذلك بمناسبة إحياء الذكرى 67 لإعلان الجمهورية التونسية.
وأكدت الرئاسة التونسية في بيان آنذاك أنه "لم يستثن من هذا العفو سوى من تم الحكم عليهم لا على أساس التدوينات التي تم نشرها ولكن بناء على جرائم أخرى تمت إثارة التتبعات ضد مرتكبيها إما من قبل النيابة العامة وإما بناء على دعاوى رفعها متقاضون تتصل بغيرها من الأفعال التي يجرّمها القانون".
وفي مارس الماضي، أصدر الرئيس التونسي قرارا بالعفو الخاص عن 1467 محكوما عليهم؛ بمناسبة ذكرى عيد الاستقلال.
الجزائر
في يوليو الماضي، أعلن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، قرارا بالعفو الرئاسي عن 8049 سجينا، احتفالا بذكرى عيد الاستقلال الـ62 للبلاد.
واستثنى القرار الرئاسي المحكوم عليهم بجرائم الإرهاب، والتآمر ضد سلطة الدولة، والاغتصاب، والاتجار بالبشر، والتجسس، وتزوير المحررات الرسمية والعمومية، والغش والتدليس والاحتكارية.
المغرب
في أغسطس الماضي، أصدر ملك المغرب محمد السادس، عفوا عن 4831 سجينا، بمناسبة الذكرى الـ71 لثورة الملك والشعب، التي تحتفل بها المملكة في 20 أغسطس من كل عام.
وفي يوليو الماضي، أصدر العاهل المغربي عفوا ملكيا شمل 2476 شخصا بعضهم من المحكومين في قضايا التطرف والإرهاب، بمناسبة عيد العرش الذي يرمز إلى تولي الملك للحكم في البلاد.
وفي عام 2016، أطلق المغرب برنامجا باسم "المصالحة" يهدف إلى ضمان أمن وسلامة النزلاء في السجون والاندماج الاجتماعي للمفرج عنهم وتأهيل المعتقلين على ذمة قضايا الإرهاب.
موريتانيا
في أبريل الماضي، أصدر الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، عفوا رئاسيا عن 110 من نزلاء السجون، إلى جانب تخفيف العقوبة عن بعض السجناء لمدة عام، وذلك بمناسبة عيد الفطر المبارك.
وصدر العفو الرئاسي وفق المادة 37 من الدستور الموريتاني، والتي تنص على أن "يمارس رئيس الجمهورية حق العفو وحق تخفيض العقوبات أو استبدالها".
الكويت
في فبراير الماضي، أعلنت وزارة الداخلية الكويتية، العفو عن 912 سجينا، بينهم 214 بالإفراج الفوري والباقي بتخفيض العقوبة والإعفاء من الغرامات المالية، وذلك بمناسبة العيد الوطني الـ63 للبلاد.
وفي نوفمبر 2012، تلقى أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر، تقريراً من رؤساء السلطات الثلاث في البلاد بشأن ضوابط وشروط العفو عن معارضين.
معايير وأسباب
بدوره، قال المحامي والباحث الحقوقي المصري أحمد أبو المجد، إن معظم قرارات العفو عن السجناء في الدول تقع ضمن أعمال السيادة، وليس هناك شروط معينة للاختيار أو معايير وأسباب للقرارات الصادرة بالعفو عن المحبوسين.
وأوضح أبو المجد في تصريح لـ"جسور بوست" أن بعض محددات العفو تتمثل في أن تكون في جرائم لا تمس الأمن والسلام الاجتماعي والرشوة والتزوير وتعطيل المرافق العامة والأسلحة والذخائر والاتجار في المخدرات وغسيل الأموال وغيرها.
ولفت أبو المجد إلى أهمية أن تستتبع قرارات العفو عن المتهمين في القضايا السياسية، دفع التعويض عن فترات العقوبة التي كانت سببا في انهيار حياتهم العملية والاجتماعية، ما يستلزم أن يتبع هذه القرارات تقديم تسهيلات وحماية اجتماعية تعينهم على العودة لحياتهم العملية والاجتماعية ودمجهم مرة أخرى لمواصلة حياتهم الطبيعية.
ومن جانبه، قال رئيس مركز حماية وحرية الصحفيين (غير حكومي، مقره عمان) الحقوقي الأردني نضال منصور، إن الأصل في هذا الشأن هو سيادة القانون وخلق منظومة عدالة نافذة وتطبيق معايير المحاكمات التي تتسم بالنزاهة والاستقامة والاستقلالية.
وأضاف منصور في تصريح لـ"جسور بوست" أنه "إذا توافرت هذه المعايير سنكون في غني عن قرارات العفو عن السجناء، كما يجب أن يكون هناك تفعيل للأحكام التي تستبدل العقوبات السالبة للحرية بالعقوبات المجتمعية البديلة، لا سيما في القضايا السياسية التي تتعلق بحرية الرأي والتعبير".
وشدد منصور على ضرورة عدم العفو عن المتهمين في القضايا التي لا تسقط بالتقادم، مثل قضايا التعذيب أو الإرهاب التي تشكل تهديدا مباشرا على الأمن والسلم المجتمعي في البلدان، مشيرا إلى أهمية تأسيس مراكز لتأهيل ودمج المفرج عنهم لتوفير مقومات الحياة اللائقة والكريمة.